کد مطلب:109907 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:144

خطبه 189-سفارش به تقوا











ومن خطبة له علیه السلام

ینبّه علی إحاطة علم الله بالجزئیات، ثمّ یحث علی التقوی، ویبیّن فضل الإسلام والقرآن

یَعْلَمُ عَجِیجَ الْوُحُوشِ فِی الْفَلَوَاتِ، وَمَعاصِیَ الْعِبَادِ فِی الْخَلَوَاتِ، وَاخْتِلاَفَ النِّینَانِ فِی الْبِحَارِ الْغَامِرَاتِ، وَتَلاَطُمَ الْمَاءِ بِالرِّیَاحِ الْعَاصِفَاتِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً نَجِیبُ اللهِ، وَسَفِیرُ وَحْیِهِ، وَرَسُولُ رَحْمَتِهِ.

الوصیة بالتقوی

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّی أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللهِ الَّذِی ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ، وَإِلَیْهِ یَكُونُ مَعَادُكُمْ، وَبِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ، وَإِلَیْهِ مُنْتَهْی رَغْبَتِكُمْ، وَنَحْوَهُ قَصْدُ سَبِیلِكُمْ، وَإِلَیْهِ مَرَامِی مَفْزَعِكُمْ، فَإِنَّ تَقْوَی اللهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ، وَبَصَرُ عَمَی أَفِئِدَتِكُمْ، وَشِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ، وَصَلاَحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ، وَطُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ، وَجِلاَءُ عَشَا أَبْصَارِكُمْ، وَأَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ، وَضِیَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ. فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اللهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ، وَدَخِیلاً دُونَ شِعَارِكُمْ، وَلَطِیفاً بَیْنَ أَضْلاَعِكُمْ، وَأَمِیراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ، وَمَنْهَلاً لِحِینِ وُرُودِكُم، وَشَفِیعاً لِدَرَكِ طَلِبَتِكُمْ، وَجُنَّةً لِیَوْمِ فَزَعِكُمْ، وَمَصَابِیحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ، وَسَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ، وَنَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ، فَإِنَّ طَاعَةَ اللهِ حِرْزٌ مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ، وَمَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ، وَأُوَارِ نِیرَانٍ مُوقَدَةٍ. فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَی عَزَبَتْ عَنْهُ الشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا، وَاحْلَوْلَتْ لَهُ الْأُمُورُ بَعْدَ مَرَارَتِهَا، وَانْفَرَجَتْ عَنْهُ الْأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا، وَأَسْهَلَتْ لَهُ الصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا، وَهَطَلَتْ عَلَیْهِ الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا، وَتَحَدَّبَتْ عَلَیْهِ الرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا، وَتَفَجَّرَتْ عَلَیْهِ النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا، وَوَبَلَتْ عَلَیْهِ الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا. فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِی نَفَعَكُمْ بَمَوْعِظَتِهِ، وَوَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِهِ، وَامْتَنَّ عَلَیْكُمْ بِنِعْمَتِهِ، فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِهِ، وَاخْرُجُوا إِلَیْهِ مِنْ حَقِّ طَاعَتِهِ.

فضل الاسلام

ثُمَّ إِنَّ هذَا الْإِسْلاَمَ دِینُ اللهِ الَّذِی اصْطَفَاهُ لِنَفْسهِ، وَاصْطَنَعَهُ عَلی عَیْنِهِ، وَأَصْفَاهُ خِیْرَةَ خَلْقِهِ، وَأَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَی مَحَبَّتِهِ، أَذَلَّ الْأَدْیَانَ بِعِزَّتِهِ، وَوَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِهِ، وَأَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ، وَخَذَلَ مُحَادِّیهِ بِنَصْرِهِ، وَهَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلاَلَةِ بِرُكْنِهِ، وَسَقَی مَنْ عَطِشَ مِنْ حِیَاضِهِ، وَأَتْأَقَ الْحِیَاضَ بِمَوَاتِحِهِ. ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ انْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ، وَلاَ فَكَّ لِحَلْقَتِهِ، وَلاَ انْهِدَامَ لِأَسَاسِهِ، وَلاَ زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ، وَلاَ انْقِلاَعَ لِشَجَرَتِهِ، وَلاَ انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، وَلاَ عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ، وَلاَ جَذَّ لِفُرُوعِهِ، وَلاَ ضَنْكَ لِطُرُقِهِ، وَلاَ وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ، وَلاَ سَوَادَ لِوَضَحِهِ، وَلاَ عِوَجَ لِإِنْتِصَابِهِ، وَلاَ عَصَلَ فِی عُودِهِ، وَلاَ وَعَثَ لِفَجِّهِ، وَلاَ انْطِفَاءَ لِمَصَابِیحِهِ، وَلاَ مَرَارَةَ لِحَلاَوَتِهِ. فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِی الْحَقِّ أَسْنَاخَهَا، وَثَبَّتَ لَهَا آسَاسَهَا، وَیَنَابِیعُ غَزُرَتْ عُیُونُهَا، وَمَصَابِیحُ شَبَّتْ نِیرَانُهَا، وَمَنَارٌ اقْتَدَی بِهَا سُفَّارُهَا، وَأَعلاَمٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا، وَمَنَاهِلُ رَوِیَ بِهَا وُرَّادُهَا. جَعَلَ اللهُ فِیهِ مُنْتَهَی رِضْوَانِهِ، وَذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ، وَسَنَامَ طَاعَتِهِ، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ وَثِیقُ الْأَرْكَانِ، رَفِیعُ الْبُنْیَانِ، مُنِیرُ الْبُرْهَانِ، مُضِیءُ النِّیرَانِ، عَزِیرُ السُّلْطَانِ، مُشْرِفُ الْمَنَارِ، مُعْوِذُ الْمَثَارِ. فَشَرِّفُوهُ وَاتَّبِعُوهُ، وَأَدُّوا إِلَیْهِ حَقَّهُ، وَضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ.

الرسول الاعظم

ثُمَّ إِنَّ اللهِ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً -صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ- بالْحَقِّ حِینَ دَنَا مِنَ الدُّنْیَا الْإِنْقِطَاعُ، وَأَقْبَلَ مِنَ الْآخِرَةِ الْإِطِّلاَعُ، وَأَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ، وَقَامَتْ بِأَهْلِهَا عَلَی سَاقٍ، وَخَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ، وَأَزِفَ مِنْهَا قِیَادٌ، فِی انْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا، وَاقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَتَصَرُّمٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَانْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا، وَانْتِشَار مِنْ سَبَبِهَا، وَعَفَاءٍ مِنْ أَعْلاَمِهَا، وَتَكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِها، وَقِصَرٍ مِنْ طُولِهَا. جَعَلَهُ اللهُ بَلاَغاً لِرِسَالَتِهِ، وَكَرَامَةً لِأُمَّتِهِ، وَرَبِیعاً لِأَهْلِ زَمَانِهِ، وَرِفْعَةً لِأَعْوَانِهِ، وَشَرَفاً لِأَنْصَارِهِ.

القرآن الكریم

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الْكِتَابَ نُوراً لاَ تُطْفَأُ مَصَابِیحُهُ، وَسِرَاجاً لاَ یَخْبُو تَوَقُّدُهُ، وَبَحْراً لاَ یُدْرَكُ قَعْرُهُ، وَمِنْهَاجاً لاَ یُضِلُّ نَهْجُهُ، وَشُعَاعاً لاَ یُظْلِمُ ضَوْؤُهُ، وَفُرْقَاناً لاَ یُخْمَدُ بُرْهَانُهُ، وَتِبْیَاناً لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَشِفَاءً لاَ تُخْشَی أَسْقَامُهُ، وَعِزّاً لاَ تُهْزَمُ أَنْصَارُهُ، وَحَقّاً لاَ تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ. فَهُوَ مَعْدِنُ الْإِیمَانِ وَبُحْبُوحَتُهُ، وَیَنَابِیعُ الْعِلْمِ وَبُحُورُهُ، وَرِیَاضُ الْعَدْلِ وَغُدْرَانُهُ، وَأَثَافِیُّ الْإِسْلاَمِ وَبُنْیَانُهُ، وَأَوْدِیَةُ الْحَقِّ وَغِیطَانُهُ. وَبَحْرٌ لاَ یَنْزِفُهُ الْمُسْتَنْزِفُونَ، وَعُیُونٌ لاَ یُنضِبُهَا الْمَاتِحُونَ، وَمَنَاهِلُ لاَ یَغِیضُهَا الْوَارِدُونَ، وَمَنَازِلُ لاَ یَضِلُّ نَهْجَهَا الْمُسَافِرُونَ، وَأَعْلاَمٌ لاَ یَعْمَی عَنْهَا السَّائِرُونَ، وَآكَامٌ لاَ یَجُوزُ عنْهَا الْقَاصِدُونَ. جَعَلَهُ اللهُ رِیّاً لِعَطَشِ الْعُلَمَاءِ، وَرَبِیعاً لِقُلُوبِ الْفُقَهَاءِ، وَمَحَاجَّ لِطُرُقِ الصُّلَحَاءِ، وَدَوَاءً لَیْسَ بَعْدَهُ دَاءٌ، وَنُوراً لَیْسَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ، وَحَبْلاً وَثِیقاً عُرْوَتُهُ، وَمَعْقِلاً مَنِیعاً ذِرْوَتُهُ، وَعِزّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ، وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وَهُدیً لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ، وَعُذْراً لِمَنِ انْتَحَلَهُ، وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ، وَفَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ، وَحَامِلاً لِمَنْ حَمَلَهُ، وَمَطِیَّةً لِمَنْ أَعْمَلَهُ، وَآیَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَجُنَّةً لِمَنِ اسْتَلْأَمَ، وَعِلْماً لِمَنْ وَعَی، وَحَدِیثاً لِمَنْ رَوَی، وَحُكْماً لِمَنْ قَضَی.